الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قد نظم بعضهم معنى هذا الحديث فقال:
لا تترك الحزم في شيء تحاذره * فإن سلمت فما في الحزم من بأس
العجز ذل وما في الحزم من ضرر * وأحزم الحزم سوء الظن بالناس
وقال بعضهم:
ولقد بلوت الناس في أحوالهم * وحككت إبرين القلوب بميلق
فرأيت غشاً في البواطن كامناً * وظواهراً تبدو بحسن تملق
فقبضت كفي من تمني خيرهم * ودعوت ربي بعدها لا نلتق
وقال بعضهم:
ولقد بلوت الناس أطلب منهم * أخا ثقة عند اشتداد الشدائد
فلم أر فيما جاءني غير شامت * ولم أر فيما سرني غير حاسد
ولبعضهم:
وقد كان حسن الظن بعض مذاهبي * فأدبني هذا الزمان وأهله
وقال الخرائطي:
احذر صديقك لا عدوك إنما * جمهور سرك عند كل صديق
وقيل لمعاوية: ما بلغ من عقلك قال: ما وثقت بأحد قط.
3816 - (الحسب المال والكرم التقوى) أي الشيء الذي يكون فيه الإنسان عظيم القدر عند الناس هو المال والذي يكون به عظيماً عند [ص 413] اللّه هو التقوى والتفاخر بالآباء ليس واحداً منهما فلا فائدة له أو المراد أن الغني يعظم ما لا يعظم الحسيب فكأنه لا حسب إلا المال وأن الكريم هو المتقي لا من يجود بماله ويخاطر بنفسه ليعد جواداً شجاعاً وقيل: أصل الكرم كثرة الخير فلما كان المتقي كثير الخير كثير العوائد والفوائد في الدنيا وله الدرجات العلى في العقبى كان أعم الناس كرماً فكأنه لا كرم إلا التقوى
قال الراغب: المال إذا اعتبر بكونه أحد أسباب الحياة الدنيوية فهو عظيم الخطر وإذا اعتبر سائر المقتنيات فهو صغير الخطر إذ هو أحسن المقتنيات فالمال من الخيرات المتوسطة لأنه كما يكون سبباً للخير قد يكون سبباً للشر لكن لما كان غالباً يوجب كرامة أصحابه وتعظيم أربابه حتى صدق القائل:
الناس أعداء لكل مدقع * صفر اليدين وأخوة للمكثر
وحتى قيل: رأيت ذا المال مهيباً وأستصوب قول طلحة في دعائه: اللّهم ارزقني مجداً ومالاً ولا يصلح المجد إلا بالمال ولا المال إلا بالمجد ونظمه المتنبي فقال:
فلا مجد في الدنيا لمن قلّ ماله * ولا مال في الدنيا لمن قلّ مجده
- (حم ت) في التفسير (ه) في الزهد (ك) في النكاح (عن سمرة) بن جندب وقال الترمذي: صحيح اهـ. وقال الحاكم: على شرط البخاري وأقره الذهبي لكن قيل: إنه من حديث الحسن عن سمرة وقد تكلموا في سماعه منه.
3817 - (الحسد) أي المذموم وهو تسخط قضاء اللّه والاعتراض عليه (يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) لأنه اعتراض على اللّه فيما لا عذر للعبد فيه لأنه لا يضره نعمة اللّه على عبده واللّه لا يعبث ولا يضع الشيء بغير محله فكأنه نسب ربه للجهل والسفة ومن لم يرض بقضائه فليطلب رباً سواه والحاسد معاقب في الدنيا بالغيظ الدائم والآخرة بإحباط الحسنات ومن ثم كان من الكبائر قال القاضي: تمسك به من يرى إحباط الطاعات بالمعاصي كالمعتزلة وأجيب بأن المعنى أن الحسد يذهب حسناته ويتلفها عليه بأن يحمله على أن يفعل بالمحسود من إتلاف مال وهتك عرض وقصد نفس ما يقتضي صرف تلك الحسنات بأسرها في عرضه وقال الطيبي: الأكل هنا استعارة لعدم القبول وأن حسناته مردودة عليه وليست بثابتة في ديوان عمله الصالح حتى يحبط واستثنى الحسد في نعمتي كافر وفاجر يستعين بها على فتنة أو فساد (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار والصلاة نور المؤمن) أي ثوابها يكون نوراً للمصلي في ظلمة القبر أو على الصراط أو فيهما (والصيام جنة من النار) بضم الجيم أي وقاية من نار جهنم فلا يدخل صاحبه النار إلا تحلة القسم ولعل المراد الإيمان الكامل.
- (ه عن أنس) قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال البخاري: لا يصح لكنه في تاريخ بغداد بسند حسن اهـ.
3818 - (الحسد في اثنتين) يعني الحسد الذي لا يضر صاحبه ليس إلا في خصلتين أو طريقتين أي في شأنهما أحدهما (رجل آتاه اللّه القرآن) أي حفظه وفهمه (فقام به) أي بتلاوته في الصلاة والعمل بما فيه (وأحل حلاله وحرم حرامه) بأن فعل الحلال وتجنب الحرام (ورجل آتاه اللّه مالاً) أي حلالاً كما يفيده السياق (فوصل به أقرباءه ورحمه) عطف [ص 414] خاص على عام (وعمل بطاعة اللّه) كأن تصدق منه وأطعم الجائع وكسى العاري وأعان الغازي وغير ذلك من وجوه القرب (تمنى أن يكون مثله) من غير تمني زوال نعمة ذلك عنه فالحسد حقيقي ومجازي فالحقيقي تمني زوال نعمة الغير والمجازي تمني مثلها ويسمى غبطة وهو مباح في دنيوي مندوب في أخروي وخص هذين لشدة اعتنائه بهما كأنه قال لا غبطة أكمل ولا أفضل منها فيهما قال العلائي: وبينهما نوع تلازم لأن المرء مجبول على حب المال وحبه للرياسة والجاه بالعلم أشد فالنفس تدعوه لكثرة المال وعدم إنفاقه خوف الفقر وللتصنع بالعلم المأخوذ من القرآن ليتقدم على غيره فإذا وفق لقهر نفسه ببذل المال في القرب والقيام بحق العلم فجدير بأن يغيظ ويتمنى مثل حاله.
- (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه روح ابن صلاح ضعفه ابن عدي وقواه غيره وخرجه الجماعة كلهم بتفاوت قليل ولفظهم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه اللّه القرآن فهو يقوم به آتاه الليل والنهار ورجل آتاه اللّه مالاً فهو ينفق منه آتاه الليل والنهار.
3819 - (الحسد) أي المذموم وهو تمني زوال نعمة الغير (يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل) قال الغزالي: الحسد هو المفسد للطاعات الباعث على الخطيئات وهو الداء العضال الذي ابتلي به كثير من العلماء فضلاً عن العامة حتى أهلكهم وأوردهم النار وحسبك أن اللّه أمر بالاستعاذة من شر الحاسد فقال:
كل العداوة قد ترجى إزالتها * إلا عداوة من عادك في الحسد
ويكفي في قبح الحسد كما في الإحياء أنه أول ذنب عصى اللّه به لأن إبليس لم يحمله على ترك السجود إلا الحسد كما أن قابيل لم يحمله على قتل هابيل إلا الحسد وقد عم وقوعه وطم قال في المنهاج: ولا حيلة في دفعه حتى أعرف بعض الناس بذل جهده في استجلاب دواعي التآلف وأسباب كف التنكر مع شخص من أقرانه فلم يجد ولم يفد.
قالوا: كلما عظمت النعمة على العبد كثرت حساده وعظمت الشماتة فيه وأقول كما قال شيخنا الشعراوي من أعظم نعم اللّه عليَّ أن حكمي بين الحسدة كبهلوان يمشي علي الحبل بقبقاب وجميع الأعداء والحساد والمتعصبين من أهل مصر واقفون تحتي ينتظرون لي زلفة لأنزل إلى الأرض متقطعاً فما تغيب الشمس عليَّ أو تطلع كل يوم وأنا لم أقع في شيء يشمتون بي فيه وما في عيني قطرة وهو من نتائج الحقد والحقد من نتائج الغضب فهو فرع الغضب والغضب أصل أصله وله أسباب وعلامات وعلاج وهو من أمراض القلب فمن لم يرزق قلباً سليماً منه فعليه بمعالجته ليزول ولعلاجه أدوية مبينة في كتب القوم كالإحياء والمنهاج.
- (فر عن معاوية بن حيدة) وفيه فحيس بن تيم قال الذهبي في الضعفاء: مجهول وقال العقبلي: لا يتابع على حديثه عن بهز بن حكم وفيه لين.
3820 - (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) قال ابن الحاجب: الإضافة للتوضيح باعتبار بيان العام بالخاص فليس ذكر الشباب وقع ضائعاً وفي فتاوى بعضهم: أراد أنهما سيدا كل من مات شاباً ودخل الجنة فإنهما ماتا وهما شيخان ولا يقال وقع الخطاب حين كان شابين لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم توفي وهما دون ثمان سنين فلا يسميان شابين [ص 415] ومر لذلك مزيد.
- (حم ت) في المناقب (عن أبي سعيد) الخدري (طب عن عمرو عن علي) وما ذكر أنه عن عمرو عن علي هو ما في خط المصنف فما في بعض النسخ عن ابن علي لا يصح (عن جابر) بن عبد اللّه (وعن أبي هريرة طس عن أسامة بن زيد وعن البراء) بن عازب (عد عن ابن مسعود) قال الترمذي: حسن صحيح قال المصنف: وهذا متواتراً.
3821 - (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما) علي أمير المؤمنين (خير منهما) أي أفضل كما يصرح به لفظ رواية الطبراني أفضل منهما وكان أبو بكر وعمر يعظمانهما غاية التعظيم وكان عمر يحبهما ويقدمهما على أولاده في العطاء.
- (ه ك) في فضائل أهل البيت من حديث معلى بن عبد الرحمن عن أبي ذئب عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الذهبي: ومعلى متروك (طب عن قرة) بضم القاف بن إياس بكسر الهمزة وفتح التحتية وبالمهملة ابن هلال المزني قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن مالك بن الحويرث) مصغر الحارث الليثي له وفادة وصحبة ورواية قال الهيثمي: وفيه عمران بن أبان ومالك بن الحسن ضعيفان وقد وثقا (ك) في فضائل أهل البيت (عن أبي سعيد) قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه الحكم بن عبد الرحمن فيه لين.
3822 - (الحسن والحسين سيدا أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران).
- (حم ع حب طب ك عن أبي سعيد).
3823 - (الحسن مني والحسين من علي) قال الديلمي: معناه أن الحسن يشبهني والحسين يشبه علياً اهـ وكان الغالب على الحسن الحلم والإنابة وعلى الحسين الجراءة وشدة البأس كعلي فالشبه معنوي وقيل: صوري.
- (حم وابن عساكر) في التاريخ (عن المقدام) بكسر الميم (بن معدي يكرب) بن عمرو بن يزيد الكندي نزيل حمص قال الحافظ العراقي: وسنده جيد وقال غيره: فيه بقية صدوق لكن له مناكير وغرائب وعجائب.
3824 - (الحسن والحسين شنفا العرش) بشين معجمة ونون (وليسا بمعلقين) قال الديلمي: يعني بمنزلة الشنفين من الوجه والشنف القرط المعلق في الوجه أي الأذن والمراد أحدهما عن يمين العرش والآخر عن يساره وما ذكر من أن الرواية شنفا بشين معجمة هو ما في نسخ وهو الموجود في مسند الفردوس وغيره لكن اطلعت علي نسخة المصنف بخطه فرأيته كتبها بالسين المهملة.
- (طس عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: فيه حميد بن علي وهو ضعيف.
3825 - (الحق أصل في الجنة والباطل أصل في النار) وكل أصل منهما يتبعه فروعه من الناس.
- (تخ عن عمر) بن الخطاب.
3826 - (الحق بعدي مع عمر) أي القول الصادق الثابت الذي لا يعتريه الباطل يكون مع عمر (حيث كان) وفي رواية يدور [ص 416] معه حيثما دار وهذه منقبة عظيمة لعمر.
- (الحكيم) الترمذي (عن الفضل بن عباس) ابن عم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ورديفه بعرفة مات بطاعون عمواس ثم إن فيه القاسم بن يزيد قال في الميزان عن العقيلي: حديث منكر ثم ساق له مما أنكر عليه.
3827 - (الحكمة) التي هي كما قال القاضي البيضاوي: استعمال النفس الإنسانية باقتباس النظريات وكسب الملكة التامة للأفعال الفاضلة بقدر الطاقة البشرية قيل: وفيه قصور لعدم شموله لحكمة اللّه فالأولى أن يقال العلم بالأشياء على ما هي والعمل كما ينبغي وقال ابن دريد: كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة (تزيد الشريف شرفاً) أي رفعة وعلو قدر
|